مجزوءة السياسة
يعد مفهوم السياسة من الموضوعات التي اهتمت بها الفلسفة
لكونها تتناول التنظيم الاجتماعي ووضع ضوابط للسلوك الإنساني، إنها المجال الذي
يرتبط بامتلاك السلطة و ممارستها من خلال مؤسسات تهدف إلى تدبير الشأن العام،
ويمكن تقسيم الاهتمام بالسياسة إلى مجالين مختلفين يتمثل الأول في المجال
الفلسفي الذي يتناول موضوع السياسة من ناحية نظرية يهدف من خلالها إلى تحديد ما
ينبغي أن يكون، لذلك فان معظم النظريات الفلسفية في السياسة اتصفت بالمثالية و
توخت التنظير لدولة مثالية، و انتقاد ما هو قائم في الواقع، أما المجال الثاني
فيتجلى في الممارسة التطبيقية للسياسة في الواقع من قبل رجل السياسة و تعتمد عدة
مؤسسات تتحدد مهمتها في الحفاظ على حقوق الناس و إقامة العدل و القضاء على
العنف.
الــــــــــــدولــــــــــــــــــة
يتربع مفهوم الدولة عرش
الفلسفة السياسية، لما يحمله من أهمية قصوى سواء اعتبرناه كيانا بشريا ذو خصائص
تاريخية، جغرافية، لغوية، أو ثقافية مشتركة؛ أو مجموعة من الأجهزة المكلفة
بتدبير الشأن العام للمجتمع. وتعد الدولة مدافعة عن حقوق الإنسان ومنظمة
للعلاقات الاجتماعية وضامنة للأمن، و لكنها في نفس الوقت تمارس سلطات على
الإنسان و تحد من حرياته. فإن دل الاعتبار الثاني على شيء فإنما يدل على
كون الدولة سيف على رقاب المواطنين وعلى هؤلاء الامتثال والانصياع،
مشروعية الدولة
وغاياتها:
"سبينوزا" ليس الهدف من الدولة الاستبداد
والإخضاع، بل هدفها ضمان حقوق الناس وتوفير حرياتهم، شريطة ألا يتصرفوا ضد
سلطتها.
"هيغل" تقوم الدولة بخدمة الأفراد وبشكل
تنظيمي توفر لهم حقوقهم، وتبقى أهم من الفرد باعتبارها أفضل وجود للإنسان.
طبيعة السلطة الذاتية:
"ماكيافيلي"على الحاكم أن يستخدم كل الوسائل
للتغلب على خصومه وبلوغ غايته، وعليه أن يعرف كيف يخضع الناس لسلطته بالقانون
والقوة معا.
"ابن خلدون" على الحاكم أن يكون القدوة لشعبه
يحترم الأخلاق الفاضلة ويدافع عن الحق، وعليه أن يتعامل بحكمة واعتدال مع شعبه.
الدولة بين الحق والعنف:
"ماكس فيبر" الدولة وحدها من تمتلك حق ممارسة
العنف وذلك لإخضاع الناس للقانون ومن هنا فإن العنف الذي تمارسه الدولة يعتبر
مشروعا.
"عبد الله العروي" كل دولة تعمل على إخضاع الشعب
لسلطاتها بالقوة والعنف ولا يجمع عليها الناس ولا يكون الحاكم مختارا من طرف
الشعب لا تعتبر دولة شرعية، والعكس صحيح.
الـــــــــــــــــــــــــــــــعــــــــــــــــنــــــــــــــــــــف
يعتبر العنف بمثابة إفراط في
استخدام القوة بشكل يخالف القانون ويؤدي إلى إلحاق الضرر سواء بالطبيعة أو
الإنسان، غير أنه لا يمكن حصر العنف في نموذج واحد من السلوكات بل يتخذ أشكالا
متعددة مادية ومعنوية، ويأتي الاهتمام بالعنف في إطار فهم طبيعة الإنسان وتنظيم
علاقته بالغير قد كان اهتمام الفلاسفة بالعنف منذ العصور القديمة، غير أن
العصور الراهنة جعلت البحث في مجال العنف يتشعب ويتسع، إذ أصبح ينظر إلى العنف
على أنه مشكل يهدد استقرار المجتمع غير أن العنف تنبع أصوله من رغبات الإنسان و
متجدر في الطبيعة.
أشكال العنف:
" ايف ميشو" يرى أن العنف يتخذ عدة أنواع كالعنف
الجسدي و المعنوي و الرمزي و يشير الى كونه يتشكل في التأليم و التعذيب راجعا
ذالك للأدوات المستعملة في التعنيف المتقدم .
" بيير بورديو" يرى ان العنف الرمزي يحقق نتائج
اكتر أهمية من العنف المادي و هذا ما يتضح من خلال مثال الايدولوجيا والأفكار
المتداولة .
العنف في التاريخ:
" انغلز" هناك عنف سياسي وعنف اقتصادي هدفه
الإنتاج وامتلاك وسائل الإنتاج، وغالبا ما يحدد الثاني الأول ما دام العنصر
الاقتصادي أساس التطور.
" فرويد" السلطة الناتجة عن اتحاد واتفاق
الجماعة هي مصدر الحق والقانون، والقانون بمثابة عنف جماعي يوجه ضد المتمردين
بهدف الحفاظ على الحقوق.
العنف والمشروعية:
" كانط" تمرد الشعب واستخدامه للعنف يؤدي
إلى الفوضى وتضيع معها كل الحقوق، إن الحاكم وحده من يملك حق استخدام العنف.
" فايل" العنف سلوك حيواني عدواني يحط من
قدر الإنسان، انه مشكل أمام الفلسفة، إذ تعد الفلسفة صراع فكري لا جسدي.
الـــــــــــــحــــــــــــــق
و الــــــــعـــــــدالــــــة
الحق يندرج ضمن علاقات اجتماعية لا
ينبغي أن يكون مطلقا بل يستوجب استحضار الواجب، والحق منهجية ووصايا تحدد للسلوك
طريقا للأخلاق الفاضلة، والحديث عن الحق يستوجب استحضار مفهوم العدالة باعتباره
قانونا يضمن للأفراد التمتع بحقوقهم وسلطة تلزمهم باحترام واجبات الآخرين،
ويعتبر مفهوم الحق من المفاهيم النبيلة إذ تلتقي مع قيم الواجب والحرية
والإنصاف.
الحق بين الطبيعي و
الوضعي:
"هوبز" كان الإنسان قبل تكوين الدولة
والمجتمع يتمتع بحق طبيعي يخوله استخدام القوة للوصول إلى ما يستطيع الحصول عليه، بسبب هذه الفوضى فضل الإنسان
الانتقال إلى حالة المجتمع من خلال تعاقد اجتماعي،
"ج.ج.روسو" كان الإنسان يتمتع بحقوقه في حالة
الطبيعة، ومع تغير الأحداث جاء المجتمع فكان التعاقد الاجتماعي مصدرا لحقوق
ثقافية.
العدالة أساس الحق:
"اسبينوزا" العدالة هي تجسيد للحق وتحقيق له
فلا توجد حقوق خارج إطار القوانين، ولهذا يُمنع على الحاكم خرق القانون لأنه هو
من يسهر على تطبيقه.
"آلان" أساس التمتع بالحقوق هي العدالة،
والعدالة هي القوانين التي يتساوى أمامها كل الأفراد بغض النظر على اختلافاتهم.
العدالة بين الإنصاف
والمساواة:
"أرسطو" العدالة ينبغي أن تتجه نحو الإنصاف
ومعنى ذلك أن يتم تطبيق القانون وفق فهم سليم مع مراعاة ظروف الإنسان دائما وحسب
الحالة الخاصة.
|
"راولس"
تتأسس
العدالة على مبادئ أخلاقية منها مبدأ الواجب الذي يلزم الإنسان الاتصاف بالعدل،
والعدالة حسب هي المساواة النابعة من أساس طبيعي، ومستندة على اتفاق يتم بموجبه
صياغة قوانين تتوخى الإنصاف، وتنبني العدالة على مبدأين المساواة في الحقوق و
الواجبات.